فصل: أخوه زيادة الله.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أخوه زيادة الله.

ولما توفي أبو العباس ولي مكانه أخوه زيادة الله وجاءه التقليد من قبل المأمون وكتب إليه يأمره بالدعاء لعبد الله بن طاهر على منابره فغضب من ذلك وبعث مع الرسول بدنانير من سكة الأدارسة يعرض له بتحويل الدعوة ثم استأذنه قرابته في الحج وهم أخوه الأغلب وأبناء أخيه أبي العباس محمد وأبو محمد بهر وإبراهيم أبو الأغلب فأذن لهم وانطلقوا لقضاء فرضهم فقضوه وأقاموا بمصر حتى وقعت بين زيادة الله وبين الجند الحروب فاستقدمهم واستوزر أخاه الأغلب وهاجت الفتن واستولى كل رئيس بناحية فملكوها عليه كلها وزحفوا إلى القيروان فحصروه وكان فاتحة الخلاف زياد بن سهل بن الصقلية خرج سنة سبع ومائتين وجمع وحاصر مدينة باجة فسرح إليه العساكر فهزموه وقتلوا أصحابه ثم انتقض منصور الترمذي بطبنة وسار إلى تونس فملكها وكان العامل عليها إسماعيل بن سفيان وسفيان أخو الأغلب فقتله لتستخلص له طاعة الجند وسرح زيادة الله العساكر من القيروان مع غلبون ابن عمه ووزيره اسمه الأغلب بن عبد الله بن الأغلب وتهددهم بالقتل إن انهزموا فهزمهم منصور وخشوا على أنفسهم ففارقوا الوزير غلبون وافترقوا على أفريقية واستولوا على باجة والجزيرة وصطفورة والأربس وغيرها واضطربت أفريقية ثم اجتمعوا إلى منصور وسار بهم إلى القيروان فملكها وحاصره في العباسية أربعين يوما وعمروا سور القيروان الذي خربه إبراهيم بن الأغلب ثم خرج إليه زيادة الله فقاتله فهزمه ولحق بتونس وخرب زيادة الله سور القيروان ولحق قواد الجند بالبلاد التي تغلبوا عليها فلحق منهم عامر بن نافع الأزرق بسبيه وسرح زيادة الله سنة تسع ومائتين عسكرا مع محمد بن عبد الله بن الأغلب فهزمهم عامر وعادوا ورجع منصور إلى التونس ولم يبق على طاعة زيادة الله من أفريقية إلا تونس والساحل طرابلس ونفزاوة وبعث الجند إلى زيادة الله بالأمان وأن يرتحل عن إفريقية وبلغه أن عامر بن نافع يريد نفزاوة وأن برابرتها دعوه فسرح إليهم مائتي مقاتل لمنع عامر بن نافع فرجع عامرا عنها وهزمه إلى قسطيلة ورجع ثم هرب عنها واستولى سفيان على قسطيلة وضبطها وذلك سنة تسع ومائتين واسترجع زيادة الله قسطيلة والزاب وطرابلس واستقام أمره ثم وقعت الفتنة بين منصور الطبندي وبين عامر بن نافع لأن منصورا كان يحسده ويضغن عليه فاستمال عامرا الجند وحاصره بقصره بطبندة حتى استأمن إليه على أن يركب إلى الشرق وأجابه إلى ذلك وخرج منصور من طبندة منهزما ثم رجع وحاصره عامر حتى استأمن إليه ثانية على يد عبد السلام بن المفرج من قواد الجند وأخذ له الأمان من عامر على أن يركب البحر إلى المشرق فأجابه عمر وبعثه مع ثقاته إلى تونس وأوصى ابنه وكان يغريه أن يقتله إذا مر به أن فقتله وبعث برأسه ورأس ابنه وأقام عامر بن نافع بمدينة تونس إلى أن توفي سنة أربع عشرة ورجع عبد السلام بن المفرج إلى باجة وأقام بها إلى أن انتقض فضل بن أبي العين بجزيرة شريك ثمان عشرة ومائتين فسار إليه عبد السلام بن المفرج الربعي وجاءت عساكر زيادة الله فقاتلوهما وقتل عبد السلام وانهزم فضل إلى مدينة تونس وامتنع بها وحاصرته العساكر حتى اقتحموها عليه وقتلوا كثيرا من أهلها وهرب آخرون حتى أمنهم زيادة الله وعادوا وفي سنة تسع عشرة ومائتين فتح أسد بن الفرات صقلية كانت صقلية من عمالات الروم وأمرها راجع إلى صاحب قسطنطينية وولى عليها سنة إحدى عشرة ومائتين بطريقا اسمه قسنطيل واستعمل على الإسطول قائدا من الروم حازما شجاعا فغزا سواحل إفريقية ونهبها ثم بعد كتب ملك الروم إلى قسنطيل يأمره بالقبض على مقدم الأسطول وقتله ونمى الخبر إليه بذلك فانتقض وتعصب له أصحابه وسار إلى مدينة سرقوسة من بلاد صقلية فملكها وقاتله قسنطيل فهزمه القائد ودخل مدينة تطانية فأتبعه جيشا أخذوه وقتلوه واستولى القائد على صقلية فملكها وخوطب بالملك وولى على ناحية من الجزيرة رجلا إسمه بلاطة وكان ميخاييل ابن عم بلاطة على مدينة بليرم فانتقض هو وابن عمه على القائد واستولى بلاطة على مدينة سرقوسة وركب القائد في أساطيله إلى أفريقية مستنجدا بزيادة الله فبعث معهم العساكر واستعمل عليهم أسد بن الفرات قاضي القيروان فخرجوا في ربيع سنة اثنتي عشرة فنزلوا بمدينة مأزر وساروا إلى بلاطة ولقيهم القائد وجميع الروم الذين بها استمدهم فهزموا بلاطة والروم الذين معه وغنموا أموالهم وهرب بلاطة إلى فلونرة فقتل واستولى المسلمون على عدة حصون من الجزيرة ووصلوا إلى قلعة الكرات وقد اجتمع بها خلق كثير فخادعوا القاضي أسد بن الفرات في المراودة على الصلح وأداء الجزية حتى استعدوا للحصار ثم امتنعوا عليه فحاصرهم وبعث السرايا في كل ناحية وكثرت الغنائم وحاصروا سرقوسة برا وبحرا وجاءه المدد من أفريقية وحاصروا بليرم وزحف الروم إلى المسلمين وهم يحاصرون سرقوسة قد بعثوهم واشتد حصار المسلمين بسرقوسة ثم أصاب معسكرهم الفناء وهلك كثير منهم ومات أسد بن الفرات أميرهم ودفن بمدينة قصريانة ومعهم القائد الذي جاء يستنجدهم فخادعه أهل قصريانة وقتلوه وجاء المدد من القسطنطينية فتصافوا مع المسلمين وهزموهم ودخل فلهم إلى قصريانة ثم توفي محمد بن الحواري أمير المسلمين وولي بعده زهير بن عوف ثم محص الله المسلمين فهزمهم الروم مرات وحصروهم في معسكرهم حتى جهدهم الحصار وخرج من كان في كبركيب من المسلمين بعد أن هدموها وساروا إلى مأزر وتعذر عليهم الوصول إلى إخوانهم وأقاموا كذلك إلى سنة أربع عشرة إلى أن أشرفوا على الهلاك فوصلت مراكب أفريقية مددا وأسطول من الأندلس خرجوا للجهاد واجتمع منهم ثلاثمائة مركب فنزلوا الجزيرة وأفرج الروم عن حصار المسلمين وفتح المسلمون مدينة بليرم بالأمان سنة سبع عشرة ومائتين ثم ساروا سنة تسع عشرة إلى مدينة قصريانة وهزموا الروم عليها سنة عشرين ومائتين ثم بعثوا إلى طرميس ثم بعث زيادة الله الفضل بن يعقوب في سرية إن سرقوسة فغنموا ثم سارت سرية أخرى واعترضها بطريق صقلية فامتنعوا منه في وعر وخمل من الشعراء حتى يئس منهم وانصرف على غير طائل فحمل عليهم أهل السرية وانهزموا وسقط البطريق عن فرسه فطعن وجرح وغنم المسلمون ما معهم من سلاح ودواب ومتاع ثم جهز زيادة الله إلى صقلية إبراهيم بن عبد الله بن الأغلب في العساكر وولاه أميرا عليها فخرج منتصف رمضان وبعث أسطولا فلقي أسطولا للروم فغنمه وقتل من كان فيه وبعث أسطولا آخر إلى قصوره فلقي أسطولا فغنمه وسارت سرية إلى جبل النار والحصون التي في نواحيها وكثر السبي بأيدي المسلمين وبعث الأغلب سنة إحدى وعشرين أسطولا نحو الجزائر فغنموا وعادوا وبعث سرية إلى قطلبانة وأخرى إلى قصريانة كان فيهما التمحيص على المسلمين ثم كانت وقعة أخرى كان فيها الظفر للمسلمين وغنم المسلمون من أسطولهم تسع مراكب ثم عثر بعض المسلمين على عورة من قصريانة فدل المسلمين عليها ودخلوا منها البلد وتحصن المشركون بحصنه حتى استأمنوا وفتحه الله وغنم المسلمون غنائمه وعادوا إلى بليرم إلى أن وصلهم الخبر بوفاة زيادة الله فوهنوا أولا ثم انشطوا وعادوا إلى الصبر والجهاد وكانت وفاة زيادة الله منتصف سنة ثلاث وعشرين ومائتين لإحدى وعشرين سنة ونصف من ولايته.